برعاية معالي جمعة الماجد 

رئيس مجلس أمناء الجامعة

المؤتمر الدولي الثالث للسانيات

تعلّمية العربية في الفصول الدّراسية والفضاءات الرقمية

يحتلّ حقل تعليم اللّغات وتعلّمها عموما موقعا بارزا في اللّسانيات الحديثة تنظيرا وتطبيقا. فقد توسّع المتخصّصون في فروع اللّسانيات المختلفة منذ نشأة اللّسانيات البنيوية في ماهية النّظام اللغوي وفي مكوّنات اللّغة ومظاهر اكتسابها. واستنفذوا النّظر في طبيعة اللّغات حين تجاوزوا الاهتمام بالكلمة وبما تطرحه من إشكاليات وصفية إلى الجملة باعتبارها وحدة وصف دنيا، فإلى التفكير في النصّ وحدة وصفية ممكنة. وعملوا في السنوات الأخيرة من العقد الماضي على الانكباب على أوجه التداخل بين اللّسانيات بمفهومها الصّلب والعلوم المتّصلة بها من قبيل علم الاجتماع وعلم النفس والحاسوبية والعلوم العرفانية… بهدف دراسة مظاهر التداخل بين اللغة والثقافة واللغة والمجتمع ومظاهر التفاعل بين اللّسانيات وعلم النفس واللّسانيات والعلوم العرفانية فضلا عن علاقة اللّسانيات بالحاسوبية وما أثمرته من أبحاث ودراسات في علاقة بالمعالجة الآلية للغات (CHL). فجعلوا من اللّسانيات الخارجية ميدانا آخر من ميادين معالجة اللغة وبيان وظائفها الاجتماعية والثقافية والعقدية ومناسبة لمزيد التعمّق في فهم البنى الاجتماعية للشعوب والأمم.

وقد يكون الوعي بأهمية اللّغات في تفهّم ثقافات الأمم واستيعاب عاداتهم وتقاليدهم والوعي بأهميّة اللّغة الوطنية في الحفاظ على تماسك المجتمع وعلى وحدته الوطنية وهويته الثقافية والعقدية في ظلّ مجتمع العولمة المتّسم بالتعدّد اللغوي والاختلاف الديني والتنوّع الثقافي، من بين العوامل التي حدت بالباحثين إلى مزيد الاهتمام بحقل تعلّم اللّغات وتعليمها. بل إنّ التنافس اللّغوي الذي فرضه التّنافس الحادّ بين الأمم في مختلف المجالات الثقافية والاقتصادية ولا سيما مجال وصف المعارف وتعيين المصطلحات العلمية المتّصلة بها، من بين العوامل التي أدّت إلى نشأة اللّسانيات التعليمية بمختلف مكوّناتها بما في ذلك الالتقاء بين اللّسانيات من ناحية وتعليم اللّغات وتعلّمها من ناحية ثانية.

        لقد رأينا في هذا السّياق المعرفي أن نثير مبحثا من مباحث اللّسانيات التعليمية وثيق الصّلة بمحيطنا المعرفي والثقافي  والاقتصادي والتربوي ونعني به” تعلّمية العربية في الفصول الدراسية والفضاءات الرقمية”، في سياق المساهمة في تذليل صعوبات تعلّم العربية التي يُجمع المهتمّون بها بمختلف مشاربهم وتخصّصاتهم على صعوبة تعلّمها وعلى ضرورة مواجهة التحدّيات المتّصلة بها سواء في الفصول الدّراسية بما تتطلبه من مناهج ومن موادّ تعليمية ومن تعلّم تعاوني ومن مؤثرات غير لغوية قد تحول بدورها دون التعلّم والاكتساب، أو في الفضاءات الرّقمية بما تعنيه من تطبيقات مساعدة في تعلّم العربيّة من قبيل “تطبيقات الهاتف المحمول” و”الترجمة الآلية” و” المعاجم الرقمية والموسوعات الإلكترونية” و”التكنولوجيا المساعدة لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة من تعلّم اللّغة” وتوظيف ” الذكاء الاصطناعي” في التعلّم، فضلا عن دور وسائل الإعلام في نشر اللغة والتعلّم باستعمال المواقع الافتراضية… وهي اختيارات يحرّكها الوعي بأنّ التقاط اللغات عموما والتقاط العربية على وجه الخصوص وحلّ صعوبات استعمالها في المقامات التواصلية المختلفة ، يمكن أن يتطوّر بالنظر إلى مزيد تعهّد المناهج والموادّ التعليمية بالمراجعة والتجويد وبمراعاة التوقيت والمحتوى والنظر في مدى استعداد المعلّم/ المدرّس ومدى دافعية المتعلّم، وبالنّظر إلى وسائل التدخّل التعليمي بما في ذلك الوسائل التعليمية الإلكترونية والفضاءات الرقمية.

        يثير مبحث تعلّم العربية في الفصول الدراسية والفضاءات الرقمية عديد الأسئلة المتّصلة في جوهرها بتقنيات التعلّم وصعوباته سواء تعلّق الأمر بتعلّم العربية من الناطقين بها أو من الناطقين بغيرها. ونحن نعتقد أنّ طرح تلك الأسئلة بأقصى درجة من الوضوح ومن الوعي النّظري كفيل بالمساهمة في حلّ صعوبات تعلّم العربية وفي مراجعة كيفيات التدخّل التعليمي في ظلّ ما وفّرته التكنولوجيا من فضاءات بديلة ومن تطبيقات يمكن أن تساهم في تقليص مدّة التعلّم وفي تيسير التعرّف على مفردات اللغة بما توفّره من أدوات تربوية مساعدة، وأن تلعب دورا لافتا في تحفيز المتعلّمين وتنمية دافعية التعلّم لديهم. ومن تلك الأسئلة يمكننا أن نذكر:

  • هل يمكن الاكتفاء بالتعلّم الذاتي في تعلّم العربية لغة أولى أو لغة ثانية؟
  • أيّ دور للفصول الدراسية في تعلّم العربية وأي دور للفضاءات الرقمية في تعلّمها؟
  • هل يمكن بالتعويل على الفضاءات الرقمية والفضاءات الرقمية فقط، أن يصبح المتعلّم قادرا على استعمال العربية استعمالا سلسا في المقامات التواصلية المختلفة؟
  • ألا يؤدّي تعلّم العربية بالعودة إلى الفضاءات الرقمية إلى تعلّم قواعد العربية دون التمكّن من استعمالها في التعبير عن الأغراض والحاجات التواصلية أم إنّ التعلّم الرّقمي يسمح للمتعلّم باستعمال اللغة مشافهة وكتابة وبالتعبير عن مواقفه وانفعالاته بتلقائية؟
  • كيف تساهم الفضاءات الرقمية في تعزيز تعلّم العربية واستعمالها؟
  • هل يمكننا تجاهل الفضاءات الرّقمية في التعلّم رغم هيمنة تلك الفضاءات على مختلف الميادين وتحكّمها في مختلف مناحي حياة الأفراد والشعوب؟
  • ألا يؤدّي الانغماس في الفضاءات الرقمية إلى تقليص دور الفصل الدّراسي في تعلّم اللغة؟
  • هل يمكن التعويل على الفضاءات الرقمية في تقييم تجربة التعلّم الفصلي وتمييز ما قد يكون مفيدا في تطوير تلك التجربة ممّا قد لا يكون كذلك؟

محاور المؤتمر:

1 – التقنيات الحديثة وتعلّم العربية:

تطوّرت اليوم وسائل التعليم بصفة عامّة وأصبحت تعتمد تقنيات حديثة متطوّرة تعتمد بدرجة أولى الفضاءات الرقمية وتعوّل على الحواسيب والوسائل السمعية البصرّية والتطبيقات الإلكترونية والترجمة الآلية، فإلى أي مدًى أفادَ تعلّم العربية من هذه التقنيات؟

 2- تنمية كفاءة المتعلّم اللّغوية في العربية:

شهدت البحوث والدراسات في أساليب تنمية الكفاءة اللغوية في اللغات عموما تطورات لافتة في السنوات الأخيرة، حيث أصبح الاهتمام بها على مستوى عال في المنظمات والهيئات والمراكز البحثية المهتمة بتعليم اللغات على مستوى العالم، فإلى أي مدى تم توظيف هذه الأساليب في علاقة بتعلّم العربية؟

3- إستراتيجيات التعلّم وأثرها في تعلّم العربية للناطقين بها والناطقين بغيرها

تعددت الأبحاث والدراسات في علاقة باستراتيجيات التعلّم وأثرها في تطوير الكفاءة اللغوية للمتعلّم وهناك دراسات كثيرة باللغة الإنجليزية حول هذا الموضوع، فيما لا تزال الدراسات باللغة العربية قليلة في هذا المجال.

4- المحتوى الرقمي والتعلّم الذاتي

 

5- الفصل الدراسي فضاء للتعلّم التعاوني

 

6- الفصل الدراسي فضاء لمهمات التعلّم المختلفة